حل المساء وما زلت تائها في هذه الجزيرة الخاوية...
فبعد أن رماني مد البحر اليها والى هذه الساعة لم أسمع سوى صدى تساؤلاتي تملئ
المكان...
وبعد عدة أميال رأيت كوخا منيرا فغمرتني الفرحة وصرت أهرول اليه
طامعا بسقف يؤويني حتى الصباح...
قرعت باب ذلك الكوخ الذي رسم عليه الزمان أساطيره لكن لامجيب
فلم ألبث حتى تشجعت وفتحت الباب الذي اراهن انها لم يفتح منذ عشرات السنين...
فبدأت ألتمس ضوء القناديل الدافئة...
دخلت دون أن يأذن لي أحد فرأيت شيخا كبيرا جالسا على كرسي خشبي
ممسكا بقلم ومازال يكتب دون كلال او ملل...
حاولت أن أحادثة ترجيته صرخت في وجهه لكن بدون جدوى كان يبدوى ككتله واحدة مع
قلمه...
لم أستسلم عاودت صرخاتي فاظنه رحم حالي فوضع قلمه ونظر ألي بأستغراب
وفتح درج طاولته وأخرج منها ورقة رثة وقلم وقال...
اذا أردت الحياة فأكتب بالورقة مالذي أوصلك الى هنا
نظرت الى تلك الورقة مليا أمن المعقول أن تكون هذه هي مفتاح نجاتي..
يجب أن انثر فيه مشاعري الصادقة فما خرج من القلب لا يكن الا يسكن الا القلب..
"من أين سأحترق هذ الليلة...أم سأنفجر كالعادة مبعثا انفجار متمرد...يبعثر حروفي
أو أصبح كجمر غاضب مستاء من حالته يحرق نفسه أولا..
بهذه لا ادري
هل أشكي زماني ..أم أبكي أحزاني
آآآآهـ لم أحلم يوم بحب ...لذلك كلماتها جعلتني أهذي
لم يعرف النوم طريقا الى قلبي... حتى تأتي لمسة كفيها بسباتي
كنت عاشقا لا محبا...كنت عاشقا لربيع هواها
وكم تمنيت أن أبقى باقي حياتي بين أحضانها...
منحتها قلبا صغيرا ..لم يدق ولم يطرق بابه احد
قلبا صغيرا لم يدرك يوما ماهو الغدر...
عاهدها بنبضاته بذلك المساء...وجند لها كل أعضائي
وكأن القدر اشاء ظلمي...
فألامها أرهقتني حتى مماتي..فلم أعلم هل أحبتني أم كرهتني
لم أهتم لذلك كثير...فقد كنت أراهن أن قلبي سكن هواها
لكن كثرت أخطائها..وتعددت أشكال طعناتها..فعاقبت نفسي على حبها
وأستقليت قاربي الصغيروصرت أمضي في طريق لا رجعة فيه...
علي أرى بصيصا من العشق"
توقفت قليلا لأستعيد أنفاسي فرأيت ذلك الشيخ قد ترك قلمه
وصار ينظر الى ورقتي وعيناه تسيلان بالدمع فهممت أن اسأله
لكن جوابه كان الاسرع
"من أنا؟؟ ولماذا أقطن هذا المكان؟؟ هذا ما تريد قوله سأخبرك
جلست في هذا المكنان منعزلا عن الاخرين ..أراقبهم بعين حزينة
في هذا البرد القارس..والمكان الموحش..ومشاعري المكبوتة
نعم أشعر بزلزال يهدد كياني...
فكلماتي حبيسة تثور بداخلي كبركان ذو حمم ملتهبة...
تود الخروج لتتجول في هذا العالم...
أو على الاقل لتسترد بعض ما كانت عليه بالماضي...
نعم أنا العشق
الذي أصبحتم لا تعرفون عني ألا أسمي..وتتذكروني جيدا عند أخطائكم
حتى أصبحت ألطم وجهي خجلا مم تفعلونه أيها العشاق...
قتلتموني بأهاتكم بصرخاتكم بألامكم
فأكتفيت بالدمع ليس لضعف فيني..بل لأنها لغة الصمت والتعبير
أصبحت أجري نقاشا مع ذاتي كل ليلة...
أوقف كل شي وكأنني بمحكمة...
أوجه لنفسي كل ذنب مؤلم..وأحكم عليها بالفشل
أحاسب نفسي بشدة.. علكم تسمعوني أو تعو ما أفعل
آآآآآهـ كم عاملتموني بقسوة..وكأني لم أمت لكم بصلة
ألم أكن أنا من تحلمون به من نعومة اضافركم...
ألست أنا ذلك الخيل والفستان الأبيض...
أم أن فلسفتي تغيرت وعجزت أن أعيد هيكلة ذاتي
لماذا أصبحت أتطرق لعطف الأخرين ..وأبحث عنها في كل مكان
لماذا أتوسل...
فقدت الأمل أم فقدت القدرة على التحكم بمشاعري...
أهو اليأس ..
أم حكم الزمان بأن أعيش شيخا هرما ويبقى الغدر بريعان شبابه...
فيا عاشقا أقتحم عزلتي لا تزد همي فقلبي ملئ بالحسرات .